الحمدلله والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آله ، وصحبه ، وبعد :
فما جـرى في غـزّة الجريحة يوم أمـس ، إنمـا هـو دُخَـان فتنة وقـى الله المسلمين شرَّها ، وهي لا تفرح إلاّ الصهاينة ، إذ لا ينتفع بهـا إلاّ هـُم ، والسلطة العميلة
وكم كانت غـزّة الجريحـة ـ وقد اجتمعت عليها المصائب كلُّها ـ في غنـى عن هذا كلَّه ، فحسبنا الله ونعم الوكيـل ، وإنا لله وإنا إليه راجعـون.
والمخـرج منهـا هو تدخُّـل العلماء ، والعقلاء ، في فلسطين ، لدرء هذا الشـرّ قبل أن يستفحـل .
وتجنّب أسباب الإنشقاق ، والكـفُّ عن إعلان كلّ ما يوجب الفرقـة ، ويزيد معاناة الشعب الفلسطيني ، ويمعن في إضعاف خـطّ الجهـاد .
لاسيما وقطاع غزة الآن في ظـلِّ توجه إسلامـي لانشكّ في إخلاصه ، ومعروف بمسيـرته الجهادية المشـرِّفة ، وتضحياته الكبيرة في تاريخ الجهـاد الفلسطيني ، وما يقوم به من حراك سياسي إنما اضطـرّ إليـه لحماية المقاومة ، وتحقيق مصلحة إستمرار خطِّهـا ، مجتهداً أن لايتنازل عن ثوابت الأمة ، وطريق التحرير ، والتمسك بالحقوق المشروعة.
وهـو ينتهج في خطـّة تنفيذ المشروع الإسلامي في غزة ، نهج الإصلاح التدريجي ، مراعياً ضرورات المرحلة ، التي تستدعي تقديم الأولى فالأولـى ، وترجيح الأهمّ على المهـم ، وهو يكسب قلوب الناس بهذه النهج الحكيم ، ليقيـم المشروع الإسلامي على قاعدة صلبة ، وتطبيق سليم ، وله في هذا مالـه من مستـند الشريعة ، والمعتمد من فتاوى العلماء ، مما يجـب أن يُعـذر فيـه ، إنْ لم يُوافـق عليه .
وفي ظـلِّ تربص العدوُّ الصهيوني المغتصـب ، وخيانة السلطة العميلة ، وإمعانها في ملاحقة المجاهـدين ، وإستفادتهـما من كلِّ مثيرات الفتن لتحقيق أهداف الصهاينة ، فالواجب دعم التوجُّـه الإسلاميّ في غـزّة ، والتعاون معه ، تعاوناً كامـلاً ، والتنازل عن كلِّ ما يعارض هذا التعاون الواجب ، إيثاراً للمصلحة العامة ، ودرءاً لمفاسد الشقاق التي حـذّر منها القرآن أشـدّ التحذيــر .
ولايخفى أنـّه لايجـوز في مثـل هذا المقام ، وبعـد ما جرى من سفك الدمـاء المحرّمـة ، غيـرَ اللجـوء إلى إصلاح ذات البيـْن ، ولملمة الجـراح ، وتطهير النفوس من رجْس الشيطان ، والأخذ بالرفـق ، والحـلم ، وترجيـح الجماعة على الفرقـة ، ووحدة الصفّ على النزاع ، وتقديـم التوحُّد ضد العدوّ الصهيونـي الأشـد خطـراً ، على الخلاف الفكري داخل الدائرة الإسلامية العامـّة ، فهذا الخـلاف أمـرُه هيّـن ، وذاك العـدوُّ خطرُه بيّـن.
وقد قال الحق سبحانه : (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) .
وقال سبحانه : ( لاَخَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْمَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً).
وفي الحديث ( يد الله مع الجماعة ) ، وفيه ( عليكم بالجماعة ، وإياكم والفرقة ) والله المستعان ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصيـر.
الشيخ حامد بن عبدالله العلي
24 شعبان 1430هـ ، 15 أغسطس 2009م
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
دعواتكم