تتضارب المعلومات حول الهوية الحقيقية لـ «أبو عبد الله السوري» (المهاجر) مساعد عبد اللطيف موسى أمير جماعة «جند أنصار الله» الذي قتل فجر السبت الماضي في المواجهة التي دارت بين عناصر الأمن التابعين للحكومة في غزة وعناصر الجماعة، والتي أسفرت عن مقتل 30 شخصا من بينهم موسى. في الوقت الذي قالت فيه بعض المصادر إنه سوري الأصل.
قال مصدر فلسطيني لـ «الشرق الأوسط» إنه فلسطيني كان مقيما في الخارج وعائلته تقيم في قطاع غزة. ويضيف المصدر أن السوري قد وفد إلى قطاع غزة عبر أحد الأنفاق التي تربط بين قطاع غزة ومصر قبل عام ونصف عام، حيث اتصل بالدكتور عبد اللطيف موسى، حيث تم تكليفه بإعداد المجموعات المسلحة التابعة للجماعة.
ولم يتأكد حتى الآن مدى علاقة «المهاجر» بهجومين شنتهما جماعات «السلفية الجهادية» على الجيش الإسرائيلي، حيث إن خلية تابعة لهذه الجماعة قامت بعيد انتهاء الحرب على القطاع بنصب عبوة ناسفة على طريق تسلكه الدوريات العسكرية المحمولة على طول الخط الذي يفصل إسرائيل عن قطاع غزة حيث قتل جندي وجرح 3 آخرون، فضلا عن مسؤولية مجموعة أخرى عن مهاجمة موقع عسكري إسرائيلي شرق مدينة غزة باستخدام الخيول وهو ما أسفر عن مقتل 4 من المهاجمين.
وزعمت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي مساء السبت الماضي أن «المهاجر» مطلوب للأجهزة الأمنية المصرية لمسؤوليته عن عدد من عمليات التفجير التي وقعت في شبه جزيرة سيناء. ولكن من الواضح أنه من المتعذر في الوقت الحالي التأكد من كل هذه المعلومات حيث إن جماعات «السلفية الجهادية» لا تنفتح على الإعلام، إلى جانب تعددها.
إلى ذلك ذكرت مصادر فلسطينية أن ممتاز دغمش زعيم «جيش الإسلام»، إحدى جماعات «السلفية الجهادية» في القطاع قام بتسليم نفسه الليلة قبل الماضية قبل موعد انتهاء المدة التي حددتها وزارة الداخلية لمنتسبي هذه التنظيمات لتسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية. وكانت أجهزة حكومة هنية قد خاضت مواجهة دامية ضد أنصار دغمش وعدد كبير من أفراد عائلته بعد اتهامه بالمسؤولية عن اختطاف الصحافي البريطاني جونستون، حيث انتهت المواجهة بإجبار دغمش على تسليم جونستون.
من ناحية ثانية يسود الهدوء جميع مناطق القطاع، حيث خففت الشرطة إلى حد كبير من حدة تواجدها على الطرقات، إلا أنها واصلت الحفاظ على وجود مكثف في مدينة رفح حيث أعلن موسى «الإمارة» الإسلامية. وكانت الجماعات السلفية قد تراجعت عن التهديدات التي أطلقتها ضد حماس. فقد أصدرت الجماعات السلفية بيانا نفت فيه بشدة تكفير أي جماعة أو تنظيم آخر. وجاء في البيان «نحن أبناء شعب واحد وقضيتنا واحدة ولا يجوز إراقة الدم تحت أي ظرف من الظروف»، نافية أن تكون في حرب مع حماس، مؤكدة أنها ليست في حرب ضد حماس أو أي فصيل فلسطيني «بغض النظر عن الاختلافات والرؤى»، معبرة عن رفضها لتكفير من يقول «لا إله إلا الله». ونفت «الجماعات السلفية» أن يكون «خطاب إعلان الإمارة الإسلامية» قد دعا إلى تكفير «أبناء شعبنا» أو أي حكومات، مشيرة إلى أن «إعلان الإمارة» جاء بعد اتفاق قيادات جماعة «جند أنصار الله» وطرحها فيما بعد على الجماعات الأخرى للبيعة تحت اتفاق واضح يحرم التعدي على حرمات المواطنين. ومن جهة أخرى، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية المقالة إيهاب الغصين وجود نفوذ أو تنظيمات تابعة لـ«القاعدة» في قطاع غزة.
وقال الغصين في تصريحات هاتفية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بالقاهرة «غزة ليست أرضا خصبة لتنظيمات كـ(القاعدة)، والتنظيمات الفلسطينية الموجودة بالقطاع هي فصائل مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي فقط، ولم يدخل أحد إلى قطاع غزة، وهؤلاء الأفراد الذين اعتنقوا تلك الأفكار التكفيرية تلقوها بطريقة غير مباشرة عبر الإنترنت». وتابع الغصين «لا وجود لجماعات سلفية أو تنظيمات رسمية لدينا بالقطاع وحتى الذين حدثت معهم الاشتباكات برفح ليسوا جماعات سلفية بل هم بعض الأفراد الذين اعتنقوا أفكارا تفكيرية وحقيقة تركزهم الأساسي كان بتلك المنطقة وانتهى الآن هذا الوجود وبقي بعض الأفراد الذين يحملون هذه الأفكار وستتم معالجتهم فكريا حتى لا نصل إلى معالجة أمنية أخرى». وفيما يتعلق بوجود جماعات سلفية إلى جوار جماعة جند أنصار الله، قال الغصين «هذا الكلام في الحقيقة غير دقيق وغير موضوعي لمن يعلم حقيقة وضع قطاع غزة والمتابعات الأمنية التي نقوم بها، ولكن هم بعض الأفراد الذين يظهرون كل فترة وفترة بمسميات مختلفة وهم في الحقيقة نفس الأفراد، وبالتالي لا حقيقة لوجود تنظيمات كثيرة بأسماء متعددة فكلها أسماء وهمية لا حقيقة لها». وردا على سؤال بشأن انقلاب هذه التنظيمات على حماس رغم أنهم يمثلون تيارا واحدا، شدد الغصين بالقول «أولا هذه التنظيمات لم تخرج من حماس، ونحن لسنا خلفية هؤلاء، فعبد اللطيف موسى كان يعمل بالسلطة ويتقاضى راتبا منها وله علاقة بالأجهزة الأمنية، ونحن نؤكد كحركة حماس وكحكومة فلسطينية أننا نتبنى الإسلام الوسطى، بعيدا عن التطرف والأفكار التكفيرية التي كان ينادي بها هؤلاء».
ونفى الغصين ما تردد عن وجود عناصر تتبنى هذه الأفكار التكفيرية داخل الجهاز الأمني للحكومة المقالة، قائلا «ليس لدي إحصائيات رسمية بهذا الشأن ولكن كظاهرة هذا كلام غير دقيق، ولكن دائما إن كان هناك شخص يتبع جهازا أو يعمل في حكومة ويحمل هذه الأفكار فلا يعني ذلك أن هذه ظاهرة». وتابع الغصين قائلا «وبالعكس هناك عدد كبير من الذين تم اعتقالهم وجد أنهم يتبعون الأجهزة الأمنية بالضفة ومنهم من كان بحركة فتح وحاول التحول لهذه الجماعات لإعادة الفوضى للقطاع من خلال هذه الجماعات».
وعن احتمال تعرض بعض المعتقلين من جند أنصار الله للتصفية الجسدية وهو ما دفع بعضهم للهرب وتسليم أنفسهم للأمن المصري، قال الغصين «أعوذ بالله، ليس من نهجنا أن نقوم بهذا، لقد قمنا باعتقال ما يزيد على 50 فردا ويتم الآن التحقيق معهم وسيتم تحويل من تثبت عليه التهم للقضاء، أما فيما تردد بتسليم البعض منهم نفسه للأمن المصري فليس لدي معلومات حول هذا الموضوع».